علم النفس وعلاقته بالشخصية والفكر
في هذا الموضوع سنتحدث عن علم النفس ودراساته وابحاثه في تصنيف الشخصيات وصفاتها وسماتها، حيث ان لعلم النفس اسرار كثيرة في دراسة الشخصيات ولكل شخصية صفاتها المميزة، ولكل شخصية معتقدات وافكار مختلفة تختلف من شخص لاخر، حيث ان للشخصية عامل اساسي في اعادة توجيه افكارك ومعتقداتك وسلوكك فاذا تغيرت الشخصية تتغير معها، ولكن في الغالب يصعب على بعض الافراد تغيير شخصياتهم لانها تتكون بداخلهم منذ ولادتهم.
اولا: الشخصية وكيفية تكوينها
- شخصية الانسان تكون ملازمة له منذ الصغر وتبدأ بالتكون خاصةً في بداية مراحل تعليمه في المدرسة، فان تعلم التلاميذ وأدائهم يتأثر بالعديد من عوامل الشخصية وبالرغم من انه لا توجد معادلة دقيقة حتى الان في توجيه التلاميذ ذات الخصال المختلفة إلا ان هناك بعض الاسباب التي تدفعنا الى القول بأن تفاوت درجات تحصيل التلاميذ قد ترجع الى سماتهم الشخصية والعقلية، فالتعرف المبكر على التلميذ المضطرب إنفعالياً وتقديم المساعدة له يؤدي الى إستغنائه عن العلاج الطويل المدى، وللمعلمين ايضاً دورهم في تغيير الإتجاهات لدى الطالب على حسب طريقة التعامل معهم
- إننا نقضي عادةً وقتاً طويلاً نحاول فيه التعرف على شخصيات من حولنا والتوافق معهم على قدر استطاعتنا، فنلاحظ كيف يتحرك الناس، وكيف يتكلمون، وكيف يستجيبون للمواقف المختلفة، كما نلاحظ تعبيرات وجوههم والتعرف منها على اتجاهاتهم، كما ان هناك بعض الاشخاص يقومون بالتعديل على انفسهم لكي يتكيفون مع الافراد الاخرى في مختلف الظروف، والدليل على ذلك هو اختلاف سلوك الانسان وتصرفاته عندما يكون مع اصدقائه او عندما يكون في مقابلة رسمية للحصول على عمل ما، او عندما يكون مع خطيبته او زوجته إلا ان الملاحظة السطحية لتصرفات الافراد وسلوكهم في مواقف معينة عندما تستخدم نتائج تلك الملاحظة في وصف الشخصيات لهؤلاء الافراد فإننا نجد بها عيوب خطيرة، ومن العوامل التي ادت الى تعدد تعريفات الشخصية صعوبة وضعها كبناء كلي، وبالرغم من هذا التعدد فإن التعريف الذي يعتبر شاملاً ومناسباً لاغراضنا هو التعريف التالي: الشخصية هي التنظيم الذي يتميز بدرجة من الثبات والاستمرار لخلق الفرد ومزاجه وعقله وجسمه،والذي يحدد توافقه المميز للبيئة التي يعيش فيها.
ثانياً: المزاج
- يطلق هذا المصطلح على الاستعدادات الوراثية المحددة للشخصية ومنها العوامل الفسيولوجية التي يولد الفرد بها، ومن هذه اختلاف معدلات افراز الغدد الصماء للبيئات المختلفة تلك التي تحدد قابليتنا للإستثارة واتزاننا وهدوءنا وعلى هذا يمك القول أن المزاج يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإستعدادات الوراثية كما يرتبط بالجوانب الوجدانية التي تختلف من شخص الى اخر،كما تتميز السمات المزاجية بأنه يمكن إدراكها مباشرة شأنها في ذلك شأن الذكاء.
ثالثاً: الخُلُقْ
- هذا المصطلح ذو طابع تقييمي اذ يستخدم للدلالة على عدة سمات مثل الامانة وضبط النفس والمثابرة وترتبط تلك السمات بالخصال المقبولة او المرفوضة اجتماعياً، كما تتضمن نمو الإتجاهات والقيم، واذ كان التعبير عن السمات المزاجية الموروثة يؤدي الى نمو الخلق فإنه يتوقف على الضغوط البيئية التي يواجهها الفرد، وهنا يجب الاشارة الى ان العلاقة بين الخلق والمزاج بالصورة التي اشرنا اليها ليست من نوع العلاقة بين الذكاء.
رابعا: نظريات الشخصية
- كأي مشكلة من مشكلات الخبرة الانسانية اختلفت النظريات التي حاولت تعريف نمو الشخصية وتفسير نموها وقياسها، ولا يعني هذا ان كل هذه النظريات مفيدة للمدرس في عمله، وحتى تلك النظريات التي يمكن ان تكون ذات منفع محدود فإنه يجب النظر اليها على انها احتمالات غير مؤكدة وليست آراء قاطعة.
- ان الاهتمام بدراسة الشخصية له تاريخ طويل فلقد اقترح جالينوس منذ القرن الثاني قبل الميلاد نظرية تنميطية للشخصية بناءً على اختلاف توزيع اخلاط البدن او سوائله (تلك الاخلاط سبق ان ذكرها ابوقراط اليوناني في القرن الخامس قبل الميلاد)
- قسم جالينوس الشخصيات الى اربعة انماط وهي: سوداوي ودموي، وبلغمي وصفراوي، والتصنيف التالي يبين الاخلاط السائدة او الغالبة في السمات السلوكية السائدة لكل نمط وهو:
المرة السوداء السوداوي متشائم،شكاك،مكتئب
الدم الدموي متفائل،اجتماعي،متعاشر
البلغم البلغمي هادئ،يضبط نفسه،خامل
المرة الصفراء الصفراوي نشط،مستثار،أناني
- ونظراً لتعدد النظريات المعاصرة فإننا سنتبنى تقسيم فرنون لها كأساس لعرضها وتناولها، يرى فرنون انه توجد ثلاث فئات أساسية لنظريات الشخصية وهي: الساذجة، الحدسية الاستدلالية او الاستنتاجية ويمكن اضافة الفئة الرابعة وهي الانسانية.
خامساً: الإتجاهات الساذجة
- يقوم هذا الاتجاه على اساس الملاحظة السطحية لسلوك الاخرين وتفسيره تفسيراً لا يقوم على استخدام اي معايير مقننة، وهنا تجب الاشارة الى ان ما نراه في الاخرين محكوم باستعداداتنا واتجاهاتنا ودوافعنا وتحيزنا واهتماماتنا، كما اننا نصدر حكماً على الطبيعة البشرية بناء على خبراتنا السابقة وتجاربنا العملية لا على المعرفة العلمية، ولقد اشار البعض الى ان ما ندركه في الاخرين يعتمد اعتماداً كلي على النوايا التي نضيفها على سلوكهم وبعبارة اخرى إننا نسقط على الاخرين تفسيراتنا لسلوكهم ونواياهم، فمن السهل مثلا تفسير بانه يتحرك بدوافع سيئة او شريرة، بينما لا يعدو ان يكون سلوكاً طفلياً بريئاً وفي هذه الحالة فإننا نسقط على سلوك الاطفال دوافع الكبار.
- ان التفسيرات الساذجة للشخصية محكوم عليها بالفشل لعدة اسباب فهذه التفسيرات تنحو نحو تبسيط الطيبة البشرية تبسيطاً مخلاً وما يزيد من اثر هذا العامل ان الناس ينزعون الى ارتداء الاقنعة لكي يخفوا او يظهروا خصائص معينة تتفق مع الظروف والمواقف، كما ان هذه التفسيرات تميل الى وصف السلوك بالاستخدام الجامد للانماط المستمدة من الخبرات المحددة والمتحيزة و فضلاً عن هذا فإن الانطباعات الساذجة التي يكونها الناس عن بعضهم البعض تكون مقيدةبحدود التفاعل الحادث بينهم.
والى هنا انتهت مقالتنا وسنستكمل الحديث في مقالات جديدة من سلسلة علم النفس وعلاقته بالشخصية والفكر.
وارجو ان يكون النقال قد نال اعجابكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق