نظرة علم النفس الإنساني للشخصية
- مما لا شك فيه أنه قد زاد الاهتمام في الستينات بعلم النفس الإنساني ويؤكد علم النفس الإنساني على أهمية النظرة الشاملة للإنسان كمحور الدراسة الشخصية ( لا بعض عناصر السلوك الفردي) وعلي الميل الحتمي للإنسان في رغباته وفي سعيه لتحقيق أهداف الحياة ولقد انعكس هذا الاتجاه في عروق أنصار علم النفس الإنساني عن جمع البيانات من الجماعة وتحليلها للوصول إلى تعميمات شاملة وفي تفصيلهم لدراسة الإنسان كوحدة كلية فردية وكدراسة لحالة حياته شاملة كاملة وما اتجه إليه أنصار علم النفس الإنساني من ضرورة النظر إلى خبرة الفرد كما يخبرها ويعيشها ويعايشها ومن أهمية الحتمية الذاتية للإنسان ليست جديدة إذ تناولت مدرسة الجشطالت من قبل هذه الآراء بالدراسة وبعمق شديد ليس هذافحسب بل ولقد أكد علماء السلالات والأجناس حديثاً أهمية دراسة الإنسان كوحدة كلية فردية وأهمية ما يقدمه الفرد من تفسيرات لدوافع أفعاله .
نظرية ملو في الشخصية
- وتعتبر نظرية ملو في الشخصية من أكثر نظريات علم النفس الإنساني شيوعاً وقبولاً ، وتقوم نظريته في الشخصية على أساس التنظيم الهرمي الحاجات الإنسان ، ومما يشكل شخصية الفرد أثناء محاولته إشباع حاجاته وكما رأينا فإن ترتيب إشباع هذه الحاجات يعتبر أمراً أساسياً وجوهرياً ، وأن الحاجات العليا في بناء ماسلو ينطبق على الراشدين أكثر مما ينطبق على الأطفال هذا وإن إعاقة إحدى الحاجات عن الإشباع يؤدي إلى إعاقة إشباع الحاجات الأعلى في البناء الهرمي فإذا أعين مثلاً إشباع حاجة الفرد لتقدير ذاته فإن ذلك يؤدي إلى إعاقة تحقيق الذات وإلى تشويه الفهم المعرفي ومن دواعي الأسف أن نظرية ماسلو لم تلق المزيد من الدراسة والبحث لأنه ليس من السهل وضعها موضع التنفيذ الإجرائي (أي الفروض المنبثقة منها والتحقق منها ) ولذا فإن نظريته قد ظلت تبريراً نظرياً وصفياً لسلوك الأطفال ودوافعهم .
نظرية كارل روجرز
- ويأتي كارل روجرز لكي يتقدم بنظرية ماسلو إلى الأمام إذ يرى أن الإنسان يدرك الخبرة التي يعيشها كحقيقة واقعة وأنه يستجيب لهذه الخبرة المدركة بطريقة تؤدي به إلى تحقيق ذاته . أي أن تحقيق الذات كقوة محركة ودافعة وبنفس المعنى الذي ذكره ماسلو يعتبر مفهوماً أساسياً في نظرية كارل روجرز أيضاً . فالطفل الصغير مثلاً تصرف ككائن كلي منظم ( نظرية الجشطالت ) وأن توجيه سلوكه يعتمد على العملية التي بمقتضاها يقدر الفرد مدى جدارة الخبرات التي يمر بها والتي قد تؤدي به إلى المحافظة على ذاتهالاجتماعية والعضوية وتنميتها وهنا تجب الإشارة إلى أن الذات الاجتماعية ترتبط بمفهوم الذات ارتباطاً وثيقاً وأن مفهوم الذات عند روجرز هو جزء من وعي الإنسان بذاته باستخدام كل وسائل الإدراك المتاحة لديه . كما يعتبر هذا الوعي بمثابة الإطار المرجعي الذي يعتمد عليه الفرد في إصداره الأحكام المتعلقة برفاهيته البدنية والاجتماعية حتى يستطيع تحقيقه لذاته ، هذا ويلعب مفهوم الذات دوراً هاماً في عملية التربية كما أثار اهتمام عديد من دراسات علم النفس الاجتماعي ولذلك فلقد خصصنا جزءاً للإطلاع عليه كتبه بيرنز وهو يتناول علاقة مفهوم الذات بالتحصيل .
مفهوم الذات
- يتشكل مفهوم الذات بناء على التعرض للعديد من المؤثرات المتنوعة التي يواجهها الفرد ولكن يكون للوالدين التأثير الأكبر سواء بميراث الطفل العديد من السمات الفطرية ( الميل للتحفظ . يقظة الضمير . الصمود . الإكتفاء الذاتي ) مما يهيىء الفرد لكي يحدد موقفه من الأحداث ويفسرها ويستجيب لها أو سواء عن طريق المؤثرات الخارجية التي يواجهها الطفل أثناء عملية التنشئة الاجتماعية فالأطفال يلاحظون ويتمثلون الأساليب التي يستخدمها والدهم في علاج المشكلات اليومية التي تواجههم ( بهدوء ، بنظام ، باستعجال ) .
تقييم مفهوم الذات
- تلك الأساليب تساعد على تكوين أبنية لعمليات تقييم مفهوم الذات . يضاف إلى ذلك عامل آخر هو مدى تندير الفرد لقدرته على حل المشكلات نتيجة لتفاعله مع الآخرين الذين يحتلون مكانة خاصة لديه ( مل يثقون به ؟ كيف يستجيبون لما يصل إليه من حلول ؟ . . . الخ ) وتأثير مفهوم الذات على التحصيل الأكاديمي أمر لا يمكن إنكاره فالدراسات التي جمعها بيركي Purkey والأبحاث التي قام بها بركوفر Brookover في أمريكاتقدم دليلاً كافياً يوضح تلك العلاقة ، فدور المدرس في تهيئة الفرص التي تسمح للطفل باكتشاف ما لديه من كفاءات داخل المدرسة يعتبر أمراً حيوياً وهاماً ولقد سبق لنا أن أشرنا إلى نماذج من ذلك في الفصل الثالث عند الحديث عن التوقعات وتحقيق الذات وفي هذا يقول بيرنز Burns .
إن ما يتمتع به المدرسون من خبرة وسلطة وإمكانية في مجال تقيم التلاميذ تجعلهم ذوي المكانة العالية والهامة ممن يمكنهم دعم مفهوم الذات لدى التلاميذ تدعيماً إيجابياً أو سلبياً أو محايدة ومن يمكنهم وضع أسلوب للتعامل يمكن أن يرفع أو يهبط بمستوى تحصيل التلاميذ.
النظريات الحدسية في الشخصية
- يعتبر فرويد من أشهر علماء النفس في كل العصور إذ يعرف بأنه أب علم نفس الأعماق وتعرف نظريته أيضاً بالنظرية النفسية الدينامية أو علم النفس الإكلينيكي وقد تمتعت نظرية التحليل النفسي بانتشار واسع كمجال للبحث وكأساس لعلاج المرضى العقليين أما الآن فلم يعد لكثير من مبادئها النظرية فائدة عملية كبيرة للمدرسين . ولمن يريد الاستزادة يمكنه الرجوع إليها ففيها عديد من المراجع المفيدة في هذا المجال ، أما في هذا الفصل فإن حديثنا مقتصر على المبادىء الأساسية للنظرية التي توضح الاتجاه (الحدس) في النظر للشخصية.
يقصد بالحدسية هنا توضيح الأساس الذي قامت عليه نظرية التحليل النفسي من أن فهم السلوك الإنساني يكون فهماً ذاتياً غير متعلم.
نظرية التحليل النفسي
لم تلق نظرية التحليل النفسي تقديراً كبيراً من بعض السيكولوجيين منهم . إذ ترى السلوكية أن آراء فرويد ما هي الا افتراضات تفتقد الدليل لها فيها عديدلية كبيرة المدربين أما الان في الانتشار واسع يعلمالعلمي القوي وأنها نظرية تنقصها الدقة على حد تعبير هدسون إذ يمكن تعديلها كلما ظهرت أدلة متناقضة ولقد وصفت الطرق التي استخدمها فرويد بأنها طرق غير علمية أو أنه اعتمد في دراساته على عينة من نساء فينسيا المنتميات للطبقة الوسطى المتعطشات للجنس وفضلاً عن هذا فإن عدد من شفي باستخدام التحليل النفسي من هذه الحالات كان ضئيلاً لا يتجاوز نسبة حدوثه بالصدفة وأخيراً فإن فرويد قد بالغ كثيراً في عرض ما توصل إليه من اكتشافات . تلك هي التعليقات اللاذعة على نظرية فرويد وهي التي زودت الرجل العادي والسيكولوجي بإطار للبذور الأولى لتكوين الشخصية ليس هذا فحسب بل إنها قد أثرت في لغتنا فزودتها بالعديد من المصطلحات العقد ، الكبت ، الأنا ، عقدة أوديب . . . إلخ ) وفضلاً عن هذا فإن طرق فرويد وأساليبه قد زودت الدراسات السيكولوجية بمداخل جديدة الدراسة الإنسان ( من أمثلة ذلك استخدام بياجيه أساليب وطرق إكلينيكية في دراساته الأولى للأطفال ) كما أثارت نظريته عدداً من الدراسات في ميادين علم النفس كالدافعة والنمو ، ولعل من إسهامات فرويد العظيمة التي قدمها للمدرسين أثارته الاهتمام إلى أنه يمكن النظر إلى الأطفال من زوايا جديدة وإلى أهمية العلاقة الوجدانية بين الطفل ووالديه وأخويه وأخواته وإلى وجود الدوافع الجنسية الطفلية ، وإلى وجود قدر كبير من دوافع الإنسان اللاشعورية وإلى ذلك البعد المتصل بين السلوك السوي والعصابي ، وإلى التناقض الوجداني في علاقة الطفل بوالديه ( عقدة أوديب ، وعقدة اليكترا ) وإلى أهمية الأثر الذي تتركه خبرات السنوات الأولى على حياة الطفل.
المبادىء الأساسية لنظرية فرويد
بالإضافة إلى ما سبق ذكره فقد أكد فرويد على النقاط الآتية:
أ . أن الواقعة التي تستثير سلوك الأسوياء هي نفسها التي تستثير سلوك المرضى العقليين.
ب . بالإضافة إلى المستوى الشعوري للعمليات العقلية يوجد اللاشعور (الآثار العقلية للخبرات الماضية التي كانت يوماً ما على المستوى الشعوري ) تؤثر تلك الآثار اللاشعورية على سلوكنا دون أن نكون على وعي بها . وقد اعتبر فرويد أن الشعور ما هو إلا مخزن للخبرات غير السارة المكبوتة (الكبت هو إقصاء للخبرة من الشعور كما سنوضح فيما بعد ) مما يمكن التعبير عنها على المستوى الشعوري ولقد افترض فرويد وجود ما يسمى ما قبل الشعور ويتضمن الآثار التي لا توجد في نطاق الشعور ولكن يمكن إدخالها إلى الشعور باسترجاع الخبرات الماضية .
ج . تستثير الجيل الدفاعية الدوافع اللاشعورية ، وإذا كنا سنعرض لهذه الحيل فيما بعد إلا أنه يمكن القول بأنها طرق وأساليب للتصرف تمكننا من حماية أنفسنا من أثر المواقف الصراعية التي لا يمكننا تحملها .
د . خبرات الطفولة المبكرة مي المفتاح الذي يفسر الأنماط السلوكية التالية وبحسب رأي فرويد فإن اكتشاف الخبرات الجنسية التي مر بهما الطفل تساعد على توضيح كيفية تكوين شخصيته.
وجهة نظر فرويد في القوى الدافعة للسلوك
- وحين نبين وجهة نظر فرويد في القوى الدافعة والمحركة للسلوك ونوضح باختصار أن القوى الأساسية المحركة هي الغرائز الليبرية ( طاقة جنسية وغرائز الأنا وطاقة بيولوجية ) هذه القرى الطبيعية سماها فرويد والهي ، تلك القوى إذا لم يكبح جماحها أدت إلى استشارة السلوك الحيواني الذي يبغي الإشباع الغير عابىء بالمحرمات الثقافية التي يفرضها المجتمع على الأطفال بامتصاص الطفل للأعراف الاجتماعية وبتمثله للأوامر والنواهيالوالدية والاجتماعية يتكون الضمير أو الأنا الأعلى ، وثمة قوة اتصال بين الأنا الأعلى والهي والواقع تعرف باسم الأنا ووظيفته تحقيق التوازن بين مطالب الهي البدائية التي تبغي الإشباع وين ضغوط الأنا الأعلى ونواهيه.
- لكن يمكن التوفيق بين رغبات الهي وضغوط الأنا الأعلى يلجأ الأنا إلى استخدام الحيل الدفاعية ، التي تمثل الدرع الواقي ضد الصراعات الحادة بين المطالب الصريحة للرغبات الحيوانية لدى الإنسان والضمير الذي يما أثناء تربية الطفل بفعل أوامر المجتمع ونواهيه ويكون السلوك الذي تستثيره الحيل الدفاعية سلوكاً ذا دوافع لا شعورية وقد اعتقد فرويد بأن فلتات اللسان وزلات القلم والتذكر والاضطرابات العقلية الحادة وأحلام النوم وأحلام اليقظة ترجع كلها إلى عمليات لا شعورية وأن استخدام التحليل النفسي والتنويم المغناطيسي أو بعض العقاقير يؤدي إلى ايضاح هذه العمليات ومعرفة المزيد عنها.
وسوف نعرض بعض الحيل الدفاعية التي يمكن أن نراها في حياتنا العادية
التعويض: يحدث التعويض عندما يستبدل الفرد أسلوب التعبير عن أحد الدوافع بأسلوب آخر غير مباشر . فالفتاة التي لا تتمتع بقدر مناسب من الجمال قد تعوض عن ذلك بالتفوق الدراسي والروجان اللذان لم ينجبا أطفالاً قد يعاملان الكلب على أنه طفل والوالدان اللذان لم يصيبا حظاً من التعليم قد يضحيان كثيراً لكي يحقق أولادهما النجاح.
التوحد: يطلق التوحد عندما يتصور الفرد نفسه على أن شخصاً آخر معجب به . فعند مشاهدة فيلم أو برنامج تليفزيوني فإننا نتوحد مع بعض الممثلين .وفي بعض الأحيان يحاول الأطفال تقليد والديهم باعتبار أنهم يمثلون شخصيات ذوي سلطة بالنسبة لهم.
النكوص: يطلق النكوص عندما يسلك الفرد سلوكاً يميز المراحل المبكرة من النمو وحتى بين الراشدين من الممكن أن تجد بعض الأفراد الذين يلجأون إلى البكاء والصراخ وضرب الأرض بأقدامهم أو الرجوع إلى المنزل لأمهاتهم كمحاولة للتغلب على مشكلة أو موقف يواجههم ، ويمكن تفسير ذلك بناء على أن هذه الأساليب السلوكية سبق نجاحها في تحقيق رغباتهم في الطفولة . لذلك يلجأون إلى استخدامها في الرشد.
الإعلاء: عندما يعاق تحقيق رغبة الفرد فإنه قد يلجأ إلى أن يسلك سلوكاً مماثلاً ولكن في اتجاه آخر حتى يشبع هذه الرغبة . فعندما يفشل الطالب في أن يكون طبيباً فإنه قد يلجأ إلى إعلاء رغبته بالعمل في مجالات أخرى مساعدة للطب ( كالتمريض ، العلاج الطبيعي ، الصيدلة ، العمل الاجتماعي الطبي ).
الإسقاط: هو الصاق رغبات الفرد وعيوبه بالآخرين ، فأحياناً قد تدعي الفتاة أن الشبان يراقبونها وهي في الحقيقة تعبر عن رغبتها مي لا عن حقيقة واقعة . والدولة قد تحشد القوات على حدود الدولة الأخرى وتعلن أن تلك الدولة الأخرى هي التي تحشد قواتها على حدودها .
التبرير: تسمى هذه الحالة أحياناً ازملة العنب المره وهي في الحقيقة مثال الخداع النفس إذ نحاول إيجاد أعذار لنواحي قصورنا كالقول بأن المذاكرة الكثيرة تؤذي العينين حين لا تكون مغرقاً بالقراءة.
الكبت: نعرض للكبت كمثال آخر للحيل اللاشعورية . ويقصد به الإقصاء المتعمد بسبب عوامل الكف الاجتماعية للقرى الليبيدية التي تسعى إلى الإشباع . والدوافع المكبوتة لا تختفي تماماً ولكنها تظل كآثار في اللاشعور تؤثر على الأفراد عند مواجهتهم بعض المواقف غير السارة.
سبب حدوث هذه الحيل
- تحدث هذه الحيل الدفاعية والتعويضية . بحسب رأي فرويد . كردود أفعال طبيعية ولكن إذا زادت فإنها تؤدي إلى الإصابة بالعصاب كما يظهر في حالات القلق والمخاوف والمرضية . والعصاب القهري والهيستيريا فالمصاب ينشأ نتيجة لعجز الفرد عن الوصول إلى طرق مألوفة للتوافق مع مشكلات الحياة . وفي حالات العصاب لا يفقد المريض صلته بالواقع بالرغم من اضطرابه وجدانياً وعقلياً . أما في حالات المرض العقلي الشديد المعروفة باسم الذهان (أو الفصام ، والهوس الاكتئابي ، مما تتضمن أعراضه بعض الهراءات ) ومعها يفقد المريض صلته بالواقع تماماً . أما العصابي فإنه يحيا في العالم الواقعي ويعرفه على عكس الذهاني فإنه يحيا في عالم عقلي مخالف ثم إن عدم ارتباطه بالعالم الواقعي لا يقلقه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق