النظريات الاستدلالية للشخصية
تقوم هذه المجموعة من النظريات على أساس التحليل العلمي الموضوعي للشخصية ، لذا فإنها تعتبر المجال الذي يستخدم فيه القياس النفسي ، وتستمد هذه الحركة جذورها من الإعتقاد بأن ميول الإنسان السلوكية يمكن تصنيفها على أنها سمات أو عوامل يمكن قياسها باستخدام الإختبارات والحكم عليها باستخدام التحليل العاملي إن فكرة وجود السمات لدى الإنسان ليست جديدة فلقد سبق أن وضع جالينوس نظريته التنميطية عن الشخصية بناء على أخلاط البدن . كما وضع برنج نظرية تنميطية أخرى تعتمد على الإنطواء - الإنبساط وكان اعتماده في ذلك على الإعتقاد بوجود أنماط ثابتة لسمات الشخصية ، فيتميز المنبسط بأن للعالم الخارجي أهمية كبيرة في حياته كما أنه إيجابي أكثر منه سلبي . وبزيادة ميله للمشاعر الذاتية أكثر منه للأفكار الموضوعية أما المنطوي فإنه يتجه لعالمه الداخلي الشخصي أكثر من العالم الخارجي ، كما أنه يميل للتأمل الذاتي أكثر من الفعل . إن هذا الوصف للأنماط ليس كاملاً ولكنه كان ليوضح كيف تصور يونج مفهومي الإنطواء والإنبساط ويجب الإشارة إلى أن هذه المفاهيم قد تبناها عديد من السيكولوجيين فيما بعد من أمثال أيزنك الذي حدد السمات بمزيد من الدقة .
نظرية أيزنك
- فصل ايزنك نظريته في الشخصية في كتب متعددة ، أوضح فيها تصوره الشامل الموضوعي لدراسة الشخصية . ولقد أثبت نظريته من أبحاثه التي أجراها على المرضى العقليين في مستشفى مودزلي بلندن . . ولاتجاه المدرسة الإنجليزية في تصور بنية الذكاء ووضع أيزنك تصوره الهرمي للشخصية .
- على قمة هذا الهرم توجد أنماط الشخصية الثلاثة التي وضعها وهي الإنبساط . الإنطواء أحياناً تختصر إلى الإنبساط والسهولة التعبير الاستخدامي والعصابية - الإتزان ) ( العصابية للإختصار ) (والذهانية . السواء ) كما اعتقد ايزنك أن الذكاء يمثل البعد الرابع . ولقد رأي أيزنك أن الناس . يتوزعون اعتدالياً على هذه الأبعاد بحيث يكون لدى غالبية الناس خليط من الصفات التي تندرج تحت هذه الأنماط . ولذلك فإنهم يحصلون غالباً على درجات تدور حول درجة المتوسط على هذا البعد ولقد كانت نقطة البدءفي دراسات أيزنك في المرضى العقليين أي التطرفيين على الأبعاد المذكورة ولقد ساعدته دراساته على هؤلاء المتطرفين في وضع إختبارات تستخدم في قياس أبعاد نظريته في الشخصية ولم يكن من السهل على أيزنك أن يوضح كيف أن كل بعد من هذه الأبعاد لا يتضمن مئات من الأفراد بل خطاً متصلاً يتوزع عليه الأفراد اعتدالياً . فلسوء الحظ أن استخدام مفاهيم والإنطواء . الإنبساط ، يوحي إيحاء خاطئاً بأن الناس لا بد أن يقعوا في إحدى الفئتين دون الأخرى .
- ولكن نوضح الاعتماد المتبادل بين سمات الشخصية والتصور الذي وضعه أيزنك للعلاقة بين مستويات تنظيم الشخصية تلك التي تكون أساس النمط والصفات أو السمات التي يتصف بها مثل المثابرة ، والجمود ، والذاتية ، والخجل ، والقابلية للتهيج ( التهيجية ) ومثل هذه السمات ترتبط بذورها بطرق الشخص المعتادة في الاستجابة للمواقف المتشابهة فمن المتوقع أن يكون المنطوي مثابراً عند قيامه بأعمال تتطلب الحذر والحرص واليقظة مثل حل مشكلة من المشكلات أو أداء عمل ميكانيكي وإذا كان من المتوقع أن يبدي الأفراد درجات متفاوتة من الحدر في المواقف التي تتطلب الحذر والحرص فإن المنطوي يكون حذراً وحريصاً في كثير من استجاباته .
العصابية - الاتزان
- استخدم مصطلح العصابية في أول الأمر للتعبير عن مجموعة من الأعراض العقلية الشاذة مثل القلق ، والوساوس ، الهيستريا . ففي الهيستريا تصاحب الحالات العقلية أعراض بدنية ( يشار إليها أحياناً بالاضطرارات السيكسوماتية ) فالإعياء والميل للقيىء اللذان يسببهما الهلع ( ما يصدر كاستجابة لمواقف تستثير القلق الامتحانات والمقابلات تعتبر مظاهر للحالة النفسية أو العقلية للفرد . إلا أن هذا المفهوم قد اتخذ معنى خاصاً في نظرية أيزنك إذ رأى أن لدينا جميعاً درجة من العصابية تندرج من الاتزان إلى القلق المرتفع أو الإنهيار في المواقف الصعبة أو الاستجابة الإنفعالية الزائدة عن الحد .
- لقد سبق أن تبينا أن للقلق ، الذي يرتبط بالعصابية ارتباطاً عالياً ، أساس فسيولوجي فالهيبوثلاموس (أو ما تحت المهاد ) هو المسيطر على الجهاز العصبي اللاإرادي وإفرازات الغدد الصماء ، وتعتمد استجابة الهيبوثلاموس على عدة عوامل منها قيامه بوظيفته الذاتية كما تحكمها الوراثة . ومنها شدة الأزمة التي تستثير القلق لدى الفرد . ولقد سبق أن بينا دور روابط الفصل الأمامي بالمغ على تقليل مستوى القلق الذي يبديه الفرد . كما بينا العلاقة بين مستوى الإثارة والدافعية ونوضح هنا أنه عند القيام بالأعمال الصعبة كلما ارتفع مستوى القلق ، انخفض مستوى الأداء وعموماً سنعرض فيما . . بعد البعض أثار العصابية على الأداء الأكاديمي للأفراد .
الإنبساط ـ الإنطواء
- يتميز المنبسط باستخدام تعبيرات ايزنك بأنه منطلق وأقل عرضة للكن ، مغرم بالأنشطة التي تحقق له الإتصال بالآخرين . لا تجتذبه الأنشطة التي تحقق له الإتصال بالآخرين ، ولا تجتذبه الأنشطة التي تؤدي بمعزل عن الجماعة كالمذاكرة ، يبحث عن الاستثارة ، عدواني لا يمكن الاعتماد عليه ، سهل المعاشرة ، متفائل ، أما المنطوي فإنه يتميز بعكس الصفات السابقة ، ولحسن الحظ فإن لدى غالبيتنا كثيراً من هذه الصفات ولكن بدرجات متفاوتة ، أي أن غالبيتنا ليسوا بالمنطويين أو المنبسطين وإنما نجمع بين خصال كل منهما ، هذا البعد له أهمية كبيرة لدى علماء النفس التربويين ، فبنظرةعابرة لقائمة الصفات السابق ذكرها يمكن أن نتبين كيف أنها تتضمن عدداً . من الصفات التي ترتبط باستخدام الأسلوب التقليدي في التربية ولكن قبل أن نتناول هذا الأمر بالتفصيل يجب أن تعرض الموضوعين نظريين جديرين بالمناقشة .
- لقد اقترح أيزنك نظرية حديثة حاول فيها الربط السببي بين الميكانيزمات الفسيولوجية للمخ وبين بعدي الإنبساط والعصابية ونستطيع القول أن جهاز التنشيط الشبكي الصاعد هو المحدد المستوى استثارة الكائن عندما يواجه مثيراً خارجياً ويفترض أيزنك وجود فروق فردية في مستوى الاستشارة بالإنبساط ـ الإنطواء ، فمستوى الاستثارة عند مواجهة مواقف مشابهة يكون أعلى لدى المنطوبين منه لدى المنبسطين ، ويمكن أن نعزي هذه الفروق في الاستشارة إلى فروق موروثة في بناء المخ وثمة جزء آخر من المخ يعتقد أنه مسئول عن الفروق الفردية في الإنفعالية وإذا . قيست باستخدام بعد العصابية يعرف باسم ( المخ العميق ) .
- تقودنا تلك النظرية إلى عديد من الافتراضات التي تؤيدها بعض النتائج التجريبية . فالفكرة القائلة بأن الأحداث المتشابهة تؤدي إلى مستويات مختلفة من الاستثارة لدى الأفراد ليست جديدة . فبعض الناس يكونون أكثر إدراكاً ووعياً بالمثيرات من الآخرين . وبالمثل فإن بعض الأفراد يحتاجون إلى وقت طويل لكي يهدأوا بعد الثورة . فإذا كان افتراض أيزنك صحيحاً . فإنه تطبيقاً لمعلوماتنا عن وظيفة المخ الاستشارية يكون المنطوون للكف عند أداء عمل ما من المنبسطين لارتفاع مستوى أستثارتهم كما يكون المنطرون أكثر : قدرة على تركيز انتباههم لمدد أطول عند القيام بالأعمال التي تحتاج إلى حذر ويقظة شديدين ، ومرة ثانية يكون المنطوون أكثر عرضة للتشريط منالمنبسطين . إن قلة التعرض للكن مع القدرة على تركيز الانتباه لمدد أطول تعتبر ميزة في بعض المواقع التربوية الرسمية . كما أن المنطوين كانوا أكثر إجتماعية في طفولتهم ولا يجوز أن ننسى أنه عند استخدامنا لمفاهيم مثل منطو ومنبسط . فإننا نقصد الحالات المتطرفة لأن غالبية الأفراد يجمعون بين خصال كل منهما . أي متوسطون في الإنطوائية والإنبساطية معاً . لذلك فالنتائج التي سنشير إليها فيما بعد ، مع غياب الأدوات المقننة ، تنطبق أساساً على الحالات المتطرفة .
- وثمة صعوبة أخرى عند تناولنا للإنبساط والعصابية معاً ، ومن هذه زيادة نشاط المخ العميق ، بحيث يؤثر على مستوى استثارة جهاز التنشيط الشبكي الصاعد . بعبارة أخرى فإن مرتفعي العصابية يكونون دائماً في حالة استعداد للاستثارة ولذا سيوجد أثر للتفاعل بين الإنبساط والعصابية .
- من خلال مناقشات أيزنك يظهر دعم واضح لا لبس فيه لوراثة سمات الشخصية ولقد اتخذ الجدل والنقاش حول هذا الموضوع نفس الشكل الذي اتخذه الجدل عرضة . فلقد بينت دراسات التوائم وجود ارتباط عال بين درجاتهم في الإنطوائية وهم صغار بدرجاتهم في هذا البعد كباراً وثمة دليل آخر بدعم وراثة السمات هو ثبات بروفيلات شخصية الأطفال . ولقد قدم أيزنك عرضاً دقيقاً ومفصلاً للأبحاث التي تؤيد وتعارض إمكانية وراثة سمات الشخصية .
نظرية كاتل
- استخدم كاتل بالولايات المتحدة الأساليب السيكومترية بنجاح . خصوصاً التحليل العاملي لاكتشاف تنظيم الشخصية . فباستخدام نفسأسلوب التحليل العاملي الذي استخدمه أيزنك ، ولكن مع مزيد من العمق والتطور ، استطاع الحصول على 16 عاملاً من عوامل الشخصية ( تعرف باسم 16 PF ) . ويميز كاتل بين ما يسميه السمات المصدرية التي تعتبر الأساس الذي تتبع منه السمات السطحية ، ويقصد بالسمات السطحية أنماط السلوك الظاهرة التي يمكن مشاهدتها ومتابعتها .
- فالعصابية عند أيزنك تصبح سمة سطحية عند كاتل أما الصفات التي تكون العصابية عند أيزنك ( مثل اختلال الاتزان الوجداني ، والتوتر ، والخجل . . . الخ ) فتصبح مصدرية عند كاتل . يوضح العلاقة بين وجهتي النظر . بالإضافة إلى ذلك توجد اختلافات في التفصيلات لدى كل منهما فلا يمكن ضم عوامل كاتل الستة عشر مع بعضها لتعطي بعدي الإنبساط والعصابية عند أيزنك . ومع ذلك توجد درجة كبيرة من الاتفاق بين الإثنين .
- هذا الاتجاه الذي تبناه السيكومتريون ورجال القياس يتعرض لعدة انتقادات ، منها أن المصدر الأساسي للمعلومات التي حصلوا عليها لاكتشاف عوامل الشخصية كان اختبارات الورقة والقلم ، تلك التي تثير عدة أسئلة ، هل يميل الناس إلى الاستجابة على نحو يظهرهم في صورة إجتماعية مقبولة ؟ هل يميل الناس إلى الاستجابة بنعم أو لا ، بصفة دائمة ؟ وهل يمكن الحصول على بروفيل كامل للشخصية الإنسانية ، بعبارة أخرى هل تضمنت إستخبارات الشخصية كل الأسئلة المناسبة واللازمة .
نظرية التكوين الشخصي عند كيلي
- حاول كيلي في نظريته التقريب بين وجهات النظر السلوكية والحدسية والاستدلالية للشخصية ومن المسلمات الأساسية في نظريته أن وجهة نظر الإنسان في العالم الذي يحيط به تكون هي الأساس الذي يحاول استخدامه باستمرار لتفسير ما يحدث حوله وبهذه الطريقة فإن الإنسان يفسر أو يعيد تفسير عالمه الخبري الخاص افالعمليات التي يقوم بها الشخص تتشكل سيكولوجياً بطرق توقعه للحوادث ، وتعتبر نظرية كيلي وضع كيلي به المنزلة الهامة في مناقضة للنظريات الاستدلالية في الشخصية ، لأن اعتقاد كيلي الأساسي هو أن السلوك الإنساني سلوك توقعي أكثر من رد فعل للمثيرات ، أي أننا لا نستجيب للمثير ولكن للتفسير الذي نضعه للمثير فإذا عثر شخص أثناء حفره على قطعة من المعدن فإنه قد يفسرها على أنها شيء أو على أنها كتلة معدنية ، أو على أنها قطعة عملة رومانية أو قطعة قيمة من عهد قسطنطين العظيم أي أن تفسيره لها يتوقف على ما لديه من تكوينات خاصة بالرغم من تشابه الإحساس السطحي بالمثير لديه ولدى الآخرين .
- وضع كيلي طريقة تعرف باسم طريقة الشبكة المجمعة المقارنة إستجاباتنا للأفراد ذوي المنزلة الهامة في حياتنا ، ومن أشهر طرق تكوين هذه الشبكة أن تسأل الشخص أن يذكر أسماء بعض الأشخاص المعروفين لديه ستة أشخاص مثلاً ، كما في الشبكة التالية ) ، هؤلاء الأشخاص يكونون مقومات الشبكة ، ويمكن أن تكون هذه المقومات أشياء أو مفاهيم بالإضافة إلى الأفراد أما الخطوة التالية فهي أن نسأل المستجيبين أن يرقبوا المقومات التي يمكن أن تضع الأم والأب والأخت والأخ وصديق العمل والرئيس والجار . . . في مجموعات ثلاثية الطريقة الثلاثية ) ، بحيث يكون كل اثنين فيها متشابهين ولكن في نفس الوقت يختلفان عن الشخص الثالث في أمر معين وتسمى هذه الأمور المعينة ، بالتكوينات ، وعادة يعبر عنها في صورة أقطاب مثل : قوي . ضعيف ، قاس . عطوف ، ناضج . غير ناضج ، كريم - بخيل ، ذكي . غبي . فإذا سألنا المفحوصين أن يضعوا كل مقوم من مقومات الشبكة على أحد القطبين ( X= أحد الأقطاب ، أما القطب الثاني فيترك خالياً ) ويمكن تكوين الشبكة كما في الشكل التالي :
- من الشبكة المجمعة يمكن الحصول على كثير من المعلومات فإذا نظرنا لكل سطر أمكن أن نعرف كيف يحدد الفرد كل تكوين من التكوينات كما يراه في معارفه وإذا نظرنا لكل عامود أمكن الحصول على بروفيل لكل شخصية كل مقوم كما يدركه المستجيب ويمكن إجراء المقارنة بين المكونات بحساب عدد المقومات الخاصة بكل زوج منها وبذلك تحصل على درجة مضاهاة ، ويمكن تحديد ما إذا كانت ترجع إلى الصدفة أم لا باستخدام الجداول الإحصائية . فمثلاً بالنسبة للتكوينات أ ، ب في الشبكة زوج واحد يصلح للحصول على درجة مضاهاة المقوم الأول ولما كانت الصدفة تسمح بوجود ثلاث درجات للمضاهات فإن درجة درجة مضاهاة التكوينات أ ، ب مي ۱ - ۳ - ۲ وبالمثل فإن درجة مضاهاة أ ، ج هي . . 3 = ۲ ، ودرجة مضاهاة ب + ح مي ۳ - 3 - صفر بعد ذلك تستخدم درجات المضاهاة التي أمكن الحصول عليها في إجراء معالجات إحصائية معقدة لا يمكن ذكرها في هذا المقام ، والتي بها يمكن تصميم التكوينات الخاصة بكل فرد ، تلك التي يزعم كيلي أنها تمثل خصائص شخصية هذا الفرد .
فيما سبق فرضنا للطريقة الإكلينيكية التي تتضمن وصفاً لشخصيات الأفراد في مقابلة الطريقة التي تسعى نحو تحديد معالم شخصيات الأفراد بناء على متوسط درجات للميول أو المعايير كما في نظرية أيزنك وكاتل .
السلام عليكم هل من تعريف و ايضاح للنظريات البيو نفسية لكل من كلوننجر و زيكرمان و تيليقون من فضلكم
ردحذفشكرا على المقال الشيق و المفيد
ردحذفيسرنى تشريفكم فى مدونتى "مدونة علم النفس"
نظره تاريخيه على المدارس المختلفة لعلم النفس